*من أقدم أشعاري*
مناسبتها: في زمن المادة يصعب أن تجد مبدعاً(شاعرا) و الأصعب إيجاد
إبداع يتحدّث بلسان المكان و الزمان...من هنا كانت البداية و ستكون النهاية
لأننا نعيش في حلقة من الأفكار و المفارقات الفظيعة البعيدة عن المبدائ
الإنسانية التي قُتلت و انعدمت بديموقراطية السّاسة:
مفارقات الزمن
يا قلبُ ولّى زمانُ الحبّ و العشقِ
لا نِلتَ إن لِنتَ..كُن سيفاً بلا رِفقِ
أضحى الوداد بمال النذل مغتصباً
مُستبدَلاً بكلامِ الفُحشِ و الفسقِ
لا الشِعرُ ينفعُ إن خاطبتَ فاتنةً
فادفعْ نقودكَ تركعْ مرأةُ الرقِّ
إكذِبْ إذا شئتَ في هذا الزمانِ و لا
تلفظْ بشيءٍ من الأخلاقِ و الصِّدقِ
ساد النفاقُ بناسٍ صار عندهُمُ
قولُ الحقيقة تعبيراً عنِ الحُمقِ
فالكلُّ هامَ بعيداً عن عُرى خُلُقٍ
بالخردواتِ ذوات الأعيُنِ الزُّرقِ
أين المحبّة تشدوها قصائدنا
و الفجرُ يفتحُ جفناً رائع الأُفْقِ؟
أين المودّة تسقي الروضَ وهْيَ بهِ
ماءٌ يناغي هديلاً هبَّ منْ وُرْقِ؟
أين الثلاثة؟ و النحرير رابعهمْ
و الشِعرُ خامسهمْ ينساب في الخلْقِ
العدلُ و الخير عندي و الجمالُ هُمُ
فاقوا مثلّث "برمودا" الذي يُشقي
أين ابتسامةُ أطفالٍ تداعبهمْ
شمسُ السعادةِ من غربٍ إلى شرْقِ؟
أين الهدوء و حرب الكون واقفةٌ
تأتي حضاراتِ جيلِ الأمسِ للسّحقِ؟
أين السؤال و فينا قطعُ ألسنةٍ؟
أين الجواب و منّا مبطلُ الحقِّ؟
ضاعتْ مثاليّةُ اليونان في لججٍ
قد أغرقتْ مذهبَ"الصوفي" و لمْ تُبقِ
أرضي هنا بؤرُ الأضغان تملؤها
بين الورى و هناك الحقدُ كالبقِّ
و الجوّ نارُ سعيرٍ ما لها حطبٌ
إلا ضفادع ما كفّتْ عنِ النّقِّ
و البحر هائجُ أرواحٍ و مضطربٌ
يرمي عقائلَهُ شوكاً و ذا طوْقِ
و الوقتُ تأكلهُ اللذاتُ في شرَهٍ
و الموبقاتُ بفيهٍ واسعِ الشدْقِ
و النفسُ طامعةٌ في مُلْكِ عالمها
و الذاتَ تُبعدها عن جنّةِ العِتقِ
حالٌ تروقُ لأهل الكُفر تُعجزني
عن مسح دمع جفوني وهْيَ في حَرْقِ
فالبعضُ أثملتِ الدنيا قلوبهمُ
بالسمّ ممتزجاً في أكؤُسِ الزّقِّ
ذاقوا التسلّطَ ألواناً فذاك فتىً
للبابِ جاءَ و لمْ يجرؤْ على الطّرْقِ
عاشوا جهنّمَ..قاسوا الظُلْمَ في ظُلُمٍ
لا النور فيها سوى جمرٍ من الشوقِ
منهم يتامى يرى يأساً صُراخُهُمُ
و الدهرُ يُصغي و يأبى الجود بالودْقِ
فالليلُ يهزؤ بالثكلى و قدْ ذرفتْ
خيطاً ذرى مقليها توأمَ البرْقِ
و الطين يسخرُ من أسمال أرملةٍ
للوهمِ قالت:" أنيني الرعدُ في حلقي"
أيدي الدجى حولها بالحزن مطبقةٌ
تنتابها نغزةُ الشيطانِ للخنْقِ
تحت السماء نجوم النحسِ تؤنسُها
تُهدي الهمومَ مآقيها من الفوْقِ
مسكينةٌ لا، هي الملعونةُ اقترفتْ
إثماً بترك الخِداعِ المُكثرِ الرِّزْقِ
فالموت أدنى عذابٍ يرقبُ الغدَ لو
تنجو بجيدٍ لها من ربطةِ الشنقِ
هذا جزاء عدوّ العنجهيّة في
عصر الضبابيّةِ الخرساءِ و الفرْقِ
هذي النهايةُ ترهيبٌ لقائلِ لا
في وجهِ غطرسَةٍ تسْوَدُّ بالخرْقِ
ليتَ الدقائقَ و الساعاتِ ثانيةٌ
فيها نُكسّرُ أشياءً بلا ذوقِ
ليتَ الزعامةَ للمهديّْ خاضعةٌ
و الدين رايتهُ البيضاء في خفْقِ
المستبدّون حبل الخوف يُفزعهمْ
شعبٌ بهمْ في جحيمٍ مُرعبٍ يُلقي
و الهاربون من الآلامِ يحضنهمْ
صدرٌ يطمئنهمْ بشرى بلا نُطْقِ
تلك الأماني سيؤتي الله موعدَها
و الشكر تسرقهُ الأفواهُ من عِرْقِ.